إنها أيامٌ وساعات
بل دقائقٌ ولحظات
تلك التي تصنعُ لنا رصيداً من عُمر ..
وبين ثنايا هذا العُمر
نحنُ بين أمرين لا ثالث لهما
إما أن نصعد , وإما أن نهبط
نصعد بذواتِنا ..
أو نهبط بها ..
فمنَّا من ارتقى درجات السُّلَّم
حتى جاور المُزن صعوداً
فهامة همته تحاكي نجوم السماء علواً ..
يقف في مكانه بثبات لا تهزه الأعاصير ..
بـــــــل
تزيده ثباتاً وقوهـ
إنه صاحب القلب السماوي
الذي يحيا جسداً في الأرض وقلباً في السماء
لاحدود لأحلامه
ولا سياج لآماله
له همم لا منتهى لكبارها .. وهمتُه الصغرى أجلُّ من الدهر وعلى النقيض تماماً
من يقف عند أول درجةٍ , يأبى الانطلاق
ويهاب الصعود
إنه يقف في مكانه بلا هدفٍ ولا غاية ..
نفسه القائدة وهو المقُود !!
حيثما سارت به سار
وأينما انتهت به انتهى !!
إنهما الضــدان ..فحين يتفقد عمر بن عبدالعزيز أحوال رعيته ليلاً , ويتعثر بقدمِ رجلٍ نائم
فيقول الرجل غاضباً : أأعمــى أنت ؟!!!!
فيتحفز الوزيرللرد عليه , يقول عمر بن عبدالعزيز :
إنـــه يســـــأل أأعمـــى أنـت ,,؟
لله دره حوَّل الإهانة إلى مجرد سؤال يحتاج إلى جواب !!!!
إنها اللغة التي لا يفهمها إلا من رامَ الصعود ,,
ليس الغبي هو السيد في قومه .. لكن سيد القوم هو المُتغابي ..عجــبـــاً له ..
إنه يمثِّل بحق صاحب القلب السماوي
أين هو ومن دنت همته ؟!!
فصار شُغله الشاغل
الزَّأر كالأُسود ليهابه من حوله !!!!
تعتريه نشوة عارمة !!
يظنها نشوة انتصار !!
يــــاله من مسكين !!
ويالها من بضاعةٍ مُزجاة !!
حين تُعرضُ في سوق المُثُل العُليا ..
فهو بفعله لن يغطي الشمس عن الظهور !!
لأن الشمس لا يضُرُّها أن لا يراها الأعمى !!
فهي ستشرق كل صبيحة لتطارد فلول الظلام في أرجاء الكون , وإن كان الناظر إليها فاقداً للبصر !!
وقد قالوا : إذا خرج الماء من الإناء ملأه الهواء ,,إنهم أولئك سكان المُستنقعات ..
حتى عندما يحاولون للصعود طريقاً
يكون صعوداً خاوياً من معنى !!
لأنهم كطائرٍ كلما طار وارتفع رآه الناس صغيراً
شتَّان بين الصعودين !!
لأن صاحب الحق حين يصعد يكون كالجبل الأشم
أما صاحب الباطل صعوده كالفُقَّاعة في الهواء
يالصلابة هذا الصعود
وهشاشة الآخر !!
وكلاهما في صعود
ولا يخفى على كل ذي لُبٍّ سليم
أن صعود الدرج أصعب من نزوله
فيا من صعدت وارتقيت
ابقً حيثُ أنت
احذر من الهبوط والانزلاق
لأن في الطريق عقبات
وإذا الفتى بلغَ السماء بمجده .. كانت كأعداد النجوم عِــداه
ورمَوه عن قوسٍ بكل عظيمة .. لا يبلغونَ بما جنوه مـداه ,, لا يضُرُّك من هبط وآثر سكنى المُستنقعات ..
وأجلبَ عليكَ بخيله ورجله لتهبط معه
لا يضرُّ البحرَ أمسى زاخراً أن رمى فيه غلامٌ بحجر ..
سأل موسى ربه أن يكفَّ ألسنة الناس عنه , فقال الله عزوجل :
( يا موسى مااتخذتُ ذلك لنفسي , إني أخلقهم وأرزقهم , وإنهم يسبونني ويشتمونني ) !!
كن ثابــتـــاً إلى الأبــــد
أبـــد الدهـــر ..
حتى ترحل عن هذي الدار وأنت في عليائِك
علوٌ في الحياة وفي الممات لحقٌ أنت إحدى المُعجزات ,,الأمر يحتاج منك إلى مجاهدة
تذكَّــــــر :
على قدر أهل العزمِ تأتي العزائمُ // وتأتي على قدر الكرامِ المكارمُ ..
وتعظُمُ في عين الصغيرِ صغارها // وتصغُرُ في عينِ العظيمِ العظائمُ ..
حينها فقط ستكون من سكان العلياء
لا تلتفت وراءك
فربما مُدَّت لك الأيادي لتهبط , وتنزلق
إيــــــاكَ ,, إيــــــاكَ
والهبوط
فدقائقُ عمركَ أثمن من أن تضيع .. .. ..
م
ن
ق
و
ل
دلوعة أبوها
الموضوع الاصلي
من اوائل البرامج