معان كثيرة.. وأخلاقيات عظيمة.. يحويها كل رباط زوجي.. يطمح إلى سعادة وطمأنينة وألفة.. فإذا تفهمها كلا الزوجين.. وحرصا على إحيائها بدل وأْدها.. أصبحت حياتهما حديقة غناء.. تتغزل فيها الطيور.. وتعاكس حلاها البدور..!!
الحياة الزوجية هي كالعجينة اللينة.. يشكلها الزوجان بما يريدان أن يعيشان عليه.. فإن أرادا السعادة والألفة كانت لهما.. وإن أرادا الشقاء والسيطرة والأنانية، وأن يعيش كل منهما لنفسه فقط كانت لهم كذلك..!
الحب والاحترام.. والمصارحة والحوار.. والصدق.. معان كثيرة..لا بد من غرسها في كل رباط زوجي تهيأ لذلك لتتورد بها الحياة ..!
لكن أضواءنا في هذا الموضوع سلطناها على الحب والاحترام.. فتشاكست حولهما الآراء وأهمية كل منهما في رباط الزوجية .. فكانت هذه الآراء..
أم خالد متزوجة منذ عشرين سنة.. رأت أن السعادة الزوجية لا تكتمل إلاّ بالحب.. وأن يحرص كلا الزوجين على فهم متطلبات الآخر وفهم حقوقه، كما أن الاحترام مهم؛ لأنه ينشئ أسرة متماسكة، وترى أن الحياة الزوجية لا يمكن أن تستمر إذا لم يكن فيها حب، وإذا فُقد الحب فُقد الاحترام.
أما فاطمة متزوجة منذ خمس عشرة سنة فتقول: إن الاحترام هو الأهم في الحياة الزوجية؛ لأن الاحترام هو الذي يولد الحب بين الزوجين، فكلما احترم الزوج زوجته أحبته، وكذلك الزوجة كلما احترمت زوجها أحبها أكثر وأكثر، وهو مهم أكثر من الحب.
ووافقتها في هذا الرأي أم علي متزوجة منذ عشر سنوات؛ إذ قالت: الاحترام أولاً؛ لأنه هو الذي يجلب الحب والمودة، وإذا احترمت الزوجة زوجها أحبها والعكس صحيح.
وتقول داليا محمد متزوجة منذ سنتين: إن الاحترام هو سيد المبادئ، والذي يفتح نافذة واسعة يمكن من خلالها رؤية العديد من المبادئ كـ "التعاون، الانتماء، الوضوح، الحب، الصداقة، التنازل وغيرها". بوضوح وبشكل يحدد ملامح تلك العلاقة، وأن يعي كل من الطرفين الآخر ويستوعبه، وألاّ يهمش شخصيته، وأن يستطيع استيعاب الطرف الآخر دون إذلال له أو اقتحام لشخصيته عليه؛ ففي هذه الحالة يشعر كلا الطرفين بقيمته مع الآخر وتقبّل الآخر له بدرجة يصل فيها إلى تقبل عيوب الآخر قبل مزاياه، مع السعي الجاد لتعديل تلك العيوب بأساليب مهذبة، مع وجود مساحة واسعة من الحوار والإقناع الهادئ الذي يغرس في كلاهما بذرة المودة والألفة ليجنيا ثمرة تلك البذرة وهي الحب، وعلى الرغم من وجود دلائل المحبة من مشاعر انجذاب وقبول وميل من أحد الأطراف للآخر، إلاّ أن تلك المشاعر إذا فقدت الاحترام فقدت تلك المشاعر وبالتالي فقدت المحبة..
فيجب على كلا الطرفين احترام الآخر ليصل إلى المحبة الصادقة التي تعني العطاء اللا محدود، وكذلك من الواجب عليهما الشعور بقيمة ذلك الاحترام، وأقول لمن يقول إن المحبة تأتي قبل الاحترام: كيف تحب الشيء مالم تحترمه؟!
ووقفت أم سلمان متزوجة منذ ثلاث سنوات بين الأمرين فقالت: الحب وشيء من الاحترام للذات والرغبات والاختلافات ينجب أفراحاً وسعادة؛ فلا انفكاك بين حب واحترام.
وترى وسمية أن الاحترام أساس الحياة الزوجية، أما ما يُسمّى بالحب فهو يعتبر عند الناس العشق الذي قد يطغى على حب الله. يقول تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ). وبالتالي يترتب عليه كثير من الأضرار والآثار.
أما إن كان هناك احترام فسيولد المودة التي ذكرها الله في القرآن، ويتحقق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر".
فيحترم كل من الزوج والزوجة حقوق وواجبات الآخر، وبالتالي إن أحبها أكرمها، وإن كرهها لم يظلمها حتى تسير القافلة.
والعكس تماماً تراه حياة وهي متزوجة منذ تسعة عشر عاماً. تقول بحماس: الزوجة التي تطلب أن يكون زوجها محباً في المقام الأول امرأة غير ناضجة، ولم تعرف الحياة الحقيقية بعد. حين نلتفت حولنا نجد كثيراً من القصص الزوجية المؤلمة التي -في الغالب- تكون المرأة هي المتألمة فيها نجد أن الأزواج يزعمون أنهم عشاق لهن، وليسوا محبين فقط!! تجد الزوج يخون زوجته مع عدة نساء، ويقول إنه يحبها وهي الأصل!! قد يضربها وعندما تهجره يقول إنه يحبها ولا يستطيع الاستغناء عنها!! أمور كثيرة لو وُجد الاحترام لما فعل الزوج هذه الأمور حتى عندما يرغب في امرأة أخرى، عندما يحترم الأولى ويرى أنه لا يريد أن يغضبها في حالة اكتشفت الأمر يصارحها أياً كانت النتيجة، والمصارحة تكون بصورة لطيفة ووقورة، كما أن الاحترام حالة دائمة لا ينهيها إلاّ فعل شائن من أحد الطرفين، أما الحب فهو حالة متغيرة مقرها القلب والقلب متقلب.
وحول هذه الآراء المختلفة نختم الجدل بقول الدكتورة تغريد سمان التي تقول: إن الحياة الزوجية لها شكلها وسماتها الخاصة، وتختلف عن أي علاقة إنسانية أخرى، فلو نظرنا إلى الكتب السماوية جميعها لوجدنا أنها وصفت العلاقة بأنها علاقة مقدسة؛ "أي الاحترام" وسامية، وعلاقة أمان وسكينة ومودة ومحبة وتفاهم وراحة بال، فالاحترام يعزز مشاعر الحب سواء أكان بكلمة حلوة أو موقف رحيم أو نظرة دافئة أو لمسة حنون، وهذا جوهر الحياة الزوجية، والحب فطرة فطر الله عليها قلوب عباده بداية من حب الله سبحانه وتعالى، ثم حب الرسول صلى الله عليه وسلم، وحب الوالدين، وحب الإخوة، وحب الأبناء، وبلا شك حب شريك الحياة، أما الاحترام فهو يشكل مناخاً صحياً للحياة الزوجية، ويولد الحب والمودة بين الزوجين، وهي البنية الأساسية التي يجب أن تبدأ من أول يوم من أيام الزواج. فالاحترام لغة إنسانية بين الأفراد والمجتمعات والشعوب، وهو الميزان الذي يُقاس عليه طبيعة الحياة الزوجية ومدى استمرارها، والاحترام في الحياة يؤدي إلى مكاسب ونتائج عظيمة منها المودة والحب، والقدرة على تسوية المشاكل؛ فهو يوقف كل طرف إلى حد لا يتجاوزه في انتقاء الكلمات، واحترام مسؤوليات وأدوار كل فرد في العلاقة، وتقبل الطرف الآخر كما هو وإن اختلف عنا، واحترام مساحة حرية الطرف الآخر في هواياته.
منقول
الموضوع الاصلي
من اوائل البرامج