طرق علاج نوبات الدوار
كما قد يخبرك أي شخص عانى منه، فإن الدَّوارْ Vertigo ليس نوبة دوار او دوخة عابرة. بل انه احساس زائف بالحركة - شعور بالميلان، الدوران، او التأرجح، عندما لا تكون هناك أي حركة حقيقية.
وبعض الناس يشعرون وكأنهم يدورون في الفضاء (الدوار الذاتيSubjective Vertigo)، او كأن الدنيا تدور حولهم ( الدوار الموضوعي Objective Vertigo).
وفي كلا الحالتين فإن ذلك الدوار يصاحب بالغثيان، التقيؤ، والتعرق، وفي بعض الأحيان بحركات غير منضبطة في العينين تسمى «الرأرأة» Nystagmus (تذبذب المقلتين السريع اللاارادي).
ورغم ان هذه الأعراض تخفّ لاحقا، الا ان الدوار يمكن ان يكون مؤلما الى حد كبير خلال فترة حدوثه.
دوار حميد
«نوبة الدوار الموضعي الحميد» Benign paroxysmal positional Vertigo BPPV، وهي اكثر حالات الدوار شيوعا، تظهر بالدرجة الرئيسية لدى الاشخاص الذين تبلغ اعمارهم 60 سنة فأكثر، وعلى الغالب بين النساء اكثر من الرجال.
وكما يبدو من اسم الحالة فإن نوبة BPPV تحدث بتأثير حافز، نتيجة حصول تغير معين في الموضع، وعلى وجه الخصوص موضع الرأس- كما هو الحال عند التقلب في الفراش، او إمالة الرأس الى الوراء عند النظر الى أعلى.
وأكثر العلاجات شيوعا هو العلاج البدني باستخدام مناورات متعددة للرأس وللجسم، وبعد هذا العلاج يطلب من بعض المرضى الحد من نشاطاتهم لعدة ايام.
وهناك علاج آخر يسمى الترويض أو التعويد Habituation، وذلك عندما يتعود المرضى على اتخاذ وضع معين يحفز على حدوث الدوار مرتين في اليوم على مدى عدة اسابيع، في محاولة لتدريب المخ على الا يقوم بالاستجابة لعملية إحداث الدوار.
اما العلاجات الأخرى فتشمل تناول أدوية ضد دوار الحركة، وإجراء التمارين الرياضية المنزلية، وأيضا، وفي بعض الاحيان- الجراحة.
وحتى وقت قريب فلم يكن من الواضح، ايّ من هذه العلاجات تؤدي افضل مهماتها.
الا انه وحاليا، فإن دلائل مستخلصة بالمراجعة التي اجرتها اكاديمية علوم الاعصاب الاميركية AAN، تشير الى ان العلاج الاكثر فاعلية هو ايضا الاسهل والأسرع.
ويسمى هذا «مناورة إيبلي» Epley maneuver- ويعرف كذلك باسم «عملية إعادة تموضع بلورات كربونات الكالسيوم المزاحة» Canalith Repositioning procedure.
وهي تشتمل على حركات للرأس توجه بإرشادات اكلينيكية. وتكون الحركات آمنة للناس من كل الاعمار ويمكن تنفيذها خلال بضع دقائق.
وقد نشرت النتائج على شكل ارشادات علاجية في عدد 27 مايو 2008 من مجلة «نيرولوجي».
ما هي اسباب نوبة BPPV ؟
ان هذه النوبة تنشأ نتيجة خلل في الجهاز الدهليزي المشرف على توازن جسم الانسان Vestibular System، الموجود في بنية الأذن الداخلية المسماة «الدهليز» labyrinth.
وتوجد في داخل الدهليز ثلاث حلقات غير مكتملة لها شكل C اللاتيني، تسمى القنوات شبه الدائرية وهي تحتوي على ممرات وأكياس مليئة بسائل، تصطف مع خلايا عصبية متخصصة تسمى الخلايا الشعرية Hair Cells.
وعندما يحرك الانسان رأسه فان السائل يتحرك ويعمل على تحريك الخلايا الشعرية، ويأمرها بإرسال رسائل الى المخ حول اتجاه وسرعة حركات الرأس.
كما يضم الجهاز الدهليزي ايضا حجيرات (قُرَيْبَة او حويصلة الأذن الباطنة Utricle، والجُرَيْبْ او الكيس Saccule) تصطف مع الخلايا الشعرية التي تستشعر بالحركة، وهذه الحجيرات تمتلئ ببلورات صغيرة جدا من كربونات الكالسيوم.
الخلل الذي يقود الى حدوث نوبة BPPV قد ينجم عن عدد من المسببات، ومنها التغيرات الحاصلة في الأذن الداخلية مع تقدم العمر، العدوى، والأضرار التي تحصل للرأس.
ويعتقد ان النوبة تحدث عندما تنزاح بلورات كربونات الكالسيوم من مواقعها في حويصلة الأذن (وتسمى هذه البلورات الخارجة Canaliths)، لتقع في القناة شبه الدائرية، الامر الذي يؤدي الى التداخل مع الحركة الطبيعية للسائل والتشويش على الاشارات المرسلة الى المخ. وتكون النتيجة حدوث الدوار عند حركة الرأس.
ويوظف الاطباء السريريون مناورات الرأس لتحريك هذه البلورات المنزاحة الى خارج القناة شبه الدائرية، نحو الدهليز، أي نحو المواقع التي يعتقدون انها سوف تمتص.
نتائج الدراسة
دعت جمعية علوم الاعصاب الاميركية، مجموعة من علماء الاعصاب لمراجعة وتقييم الدراسات حول علاجات «نوبة الدوار الموضعي الحميد» BPPV التي نشرت بين عامي 1996 و2006. وكان هدف المراجعة الاجابة عن عدد من الاسئلة، ومنها: ما هي المناورات الأكثر فاعلية؟ هل يؤدي الترويض او التمارين الاخرى مهماتها؟ هل الادوية فعالة في علاج النوبة؟ هل الجراحة فعالة؟ ومن بين عدد من مناورات الرأس التي جرت مراجعتها، وجدت مجموعة العلماء دلائل جيدة على ان اعادة تموضع البلورات Canaliths فعالة وآمنة وملائمة للمرضى من كل الاعمار.
اما مناورة اخرى ابسط لاعادة التموضع تسمى Semont Maneuver فقد حصلت على تقييم اقل، لأنه لم يتم العثور الا على دلائل محدودة حول فاعليتها، كما لم تتوفر معطيات كافية عنها كي تقارن بإعادة تموضع البلورات المذكور سابقا.
كما وجد العلماء ايضا دلائل قليلة تدعم ضرورة وضع الحدود على النشاطات بعد العلاج، مثل وضع طوق حول العنق لفترة 48 ساعة او الوقوف بانتصاب لفترة 24 ساعة لمنع البلورات من الوقوع مرة اخرى في القنوات شبه الدائرية. كما لم يعثروا على دلائل جيدة تدعم استخدام الادوية او للتوصية لإجراء الجراحة، او عدم التشجيع عليها.
ولم يعثر على دلائل بأن الترويض أدى مهمته، او ان التمارين المنزلية (وهي عادة أنماط من مناورة إيبلي) كانت مساعدة، رغم انهم لم يجدوا ضررا في ممارسة العلاج شخصيا.
حركات إيبلي
عند القيام بحركات إيبلي، اي عملية اعادة تموضع البلورات المنزاحة، تقوم طبيبة سريرية متخصصة بتحريك رأس المريضة نحو سلسلة من المواضع.
ويكمن الهدف في اعادة تموضع بلورات كربونات الكالسيوم التي ازيحت عن موضعها من حويصلة الاذن الداخلية ودخلت الى القنوات شبه الدائرية وأدت الى التشويش على الاشارات المرسلة الى المخ، وبالتالي الى حدوث الدوار.
وفي البداية ستطلب الطبيبة منك، ان تجلسي عند حافة طاولة للفحوص، بحيث يكون رأسك مائلا بزاوية 45 درجة نحو الجانب المتضرر (من الرأس)، (1).
ثم تقوم الطبيبة السريرية بعدئذ بإمالتك بسرعة بحيث تصبحين مضطجعة على ظهرك ويكون رأسك خارجا من الطاولة، الا انه لا يزال مائلا الى الجانب المتضرر منه (2). ويبقى الرأس في هذا الموضع لفترة 20 الى 30 ثانية، ثم تتم إدارته بـ 90 درجة نحو الجانب غير المتضرر منه، والبقاء في موضعه الجديد لفترة 20 الى 30 ثانية اخرى (3).
ثم تدورين انت بسرعة الى جنبك، فيما تقوم الطبيبة بإدارة رأسك بسرعة بزاوية 90 درجة اخرى، حتى تصبحي مضطجعة على وجهك تقريبا (4).
وتظلين في هذا الموضع لفترة 20 الى 30 ثانية اخرى قبل ان تقوم الطبيبة بإرجاعك بسرعة الى موضع الجلوس (5).
وقد تدرب بعض المرضى على اجراء هذه الحركات بأنفسهم، الا ان الدراسات تظهر ان النتائج تكون افضل عندما يكون هناك اشراف من قبل اختصاصيين صحيين مدربين.
ودمتم بصحة وعافية
الموضوع الاصلي
من اوائل البرامج